الرئيس التركي يتعهد للبرهان بتقديم الدعم للسودان لإعادة الإعمار وتطبيع الأوضاع بعد انتهاء الحرب
أيُّ مكافأة سيقدمها البرهان لتركيا على دعمها العسكري ؟
الرئيس التركي يتعهد للبرهان بتقديم الدعم للسودان لإعادة الإعمار وتطبيع الأوضاع بعد انتهاء الحرب
لم تقتصر تركيا على تقديم الدعم العسكري المباشر للبرهان بل قامت أيضا بإيواء قيادات الحركات الإسلامية السودانية، التي تمارس نفوذا كبيرا على الجيش
يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ
أنقرة / وكالات
تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال لقائه عبدالفتاح البرهان قائد الجيش السوداني رئيس مجلس السيادة الانتقالي بتقديم الدعم لإعادة إعمار السودان بعد أن تضع الحرب أوزارها، فيما يبدو أن أردوغان يسعى إلى نيل المكافأة على مساندة قوات البرهان وتزويدها بالسلاح، وفق ما أكدته تقارير، ما رجح كفة الصراع لصالحها خلال الآونة الأخيرة ومكنها من تحقيق مكاسب ميدانية.
وبحث أردوغان مع البرهان العلاقات بين البلدين وقضايا إقليمية ودولية وذلك خلال لقائهما اليوم السبت داخل الفندق الذي يقيم فيه الرئيس التركي على هامش منتدى أنطالياالدبلوماسي، وفق الأناضول.
وأشارت الرئاسة التركية في بيان إلى أن “أردوغان أعرب عن سعادته بتطور التعاون بين تركيا والسودان يوما بعد يوم”، مضيفا أن “أنقرة ستقدم الدعم لإعادة الإعمار وتطبيع الأوضاع في السودان بعد انتهاء النزاعات فيه”.
وحضر اللقاء من الجانب التركي وزراء الخارجية هاكانفيدان والدفاع يشار غولر والطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالنورئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية فخر الدين ألطونورئيس الصناعات الدفاعية خلوق غورغون وكبير مستشاري أردوغان للسياسات الخارجية والأمن عاكف تشاغاطايقيليتش، وفق المصدر نفسه.
ولعبت طائرات “بيرقدار” التركية التي زودت بها أنقرة الجيش السوداني دورا بارزا في مسار الحرب، فيما أشارت تقارير إلى أن قوات البرهان تمكنت بفضل هذه المسيرات من إلحاق خسائر بقوات الدعم السريع، ما مهد لها الطريق لكسب معركة استعادة السيطرة على أجزاء واسعة من الخرطوم.
ولم تقتصر تركيا على تقديم الدعم العسكري المباشر للبرهان بل قامت أيضا بإيواء قيادات الحركات الإسلامية السودانية، التي تمارس نفوذا كبيرا على الجيش.
وتسعى أنقرة إلى تعزيز نفوذها في السودان وتأمين قسط من كعكة إعمار البلد الذي دمرته الحرب التي تدخل عامها الثاني، كما تتطلع إلى حماية مصالحها بعد أن وقعت مع الرئيس السوداني المعزول عمر البشير اتفاقيات تعاون عسكري واقتصادي شملت اتفاقية منحتها حق إدارة ميناء سواكن الاستراتيجي على البحر الأحمر، في خطوة قوبلت برفض واسع من أغلب القوى السودانية التي اعتبرها تفريطا في أراضي البلاد.
وحذر نشطاء سودانيون في وقت سابق من أن تستنسخ تركيا سيناريو تدخلها العسكري وتوسيع نفوذها في ليبيا بالسودان، ضمن مساعيها لاستغلال الثروات الطبيعية.
ويواجه البرهان اتهامات بفتح منافذ أوسع للتمدد التركي، باعتباره كان رمزا من رموز النظام السابق بقيادة الإسلاميين. وبعد سقوط نظام البشير كثفت أنقرة التي توصف بأنها “الحليف الأبرز” للإخوان لتعزيز استثماراتها في البلاد التي تمثل بوابة هامة للمصالح الجيوسياسيةالتركية.
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023، حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث أميركي عدد القتلى بنحو 130 ألفا. الى ذلك أثارت تقارير إعلامية كشفت عن مفاوضات سرية بين الحكومة السودانية وإسرائيل بحثا عن وساطة لتهدئة التوتر مع الولايات المتحدة، جدلا واسعا، بينما سارع فريق البرهان إلى نفي صحة الأنباء المتداولة، فيما يُرجح أن قائد الجيش السوادني يسعى إلى استثمار المكاسب الميدانية التي حققتها قواته خلال الآونة الأخيرة لتغيير موقف الدولة العبرية التي ترفض إبرام اتفاق سلام مع الخرطوم قبل نهاية الحرب السودانية.وأكد وزير الإعلام السوداني خالد علي الأعيسرفي بيان أن “الحكومة السودانية لم ترسل أي مبعوث إلى إسرائيل”، دون تفاصيل أخرى عن هوية المبعوث، مضيفا أن “ما تداولته بعض وسائل الإعلام بهذا الشأن عارٍ تماما عن الصحة”.وكان موقع صحيفة “الراكوبة السودانية” أشار في تقرير إلى أنه “بعد أسبوعين من استعادة الجيش السوداني السيطرة على القصر الرئاسي في الخرطوم، كشف مسؤول عسكري سوداني، لم يذكره، أن الصادق إسماعيل، مبعوث القائد العسكري عبدالفتاح البرهان، زار إسرائيل الأسبوع الماضي”، مضيفا أن الزيارة أُحيطت بالسرية.وذكرت الصحيفة أن الزيارة “كانت تهدف إلى التنسيق مع إسرائيل بشأن كيفية الترويج للبرهان لدى الإدارة الأميركية الجديدة وتخفيف التوترات مع دولة الإمارات”.وكان فريق البرهان قد اتهم بهتانا الإمارات بالتدخل في الصراع ودعم قوات الدعم السريع، فيما تزامنت هذه الاتهامات مع تفاقم خسائر الجيش السوداني العام الماضي وفقدانه السيطرة على أغلب المقار الحيوية في العاصمة، بينما دحضت أبوظبي بالحجج القاطعة هذه المزاعم، مشددة على أنها ظلت منذ اندلاع الحرب، على نفس المسافة الفاصلة بين طرفي الصراع ولطالما دعت إلى الحوار لإنهاء الأزمة بما يؤدي إلى تأسيس الدولة السوادنيةالجديدة، فضلا عن جهودها الإنسانية للتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية.وأعلنت إسرائيل والسودان في أواخر العام 2020 تطبيع العلاقات بينهما، بعد تعهّد الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب بإزالة اسم البلد من قائمة “الدول الراعية للإرهاب” وتقديم مساعدات للخرطوم، لكن الطرفين لم يوقعا رسميا على اتفاقية سلام.وسبق أن أكد مسؤولون إسرائيليون أن فرص إقامة علاقات مع السودان قد تضاءلت إثر الانقلاب الذي نفذه البرهان وحل مجلسي السيادة والوزراء واعتقال قيادات المكون المدني الذي شارك في الحكم.وتنظر الدولة العبرية بقلق إلى الحرب في السودان، فيما يستبعد مراقبون تحقيق تقدم في ملف التطبيع، قبل تسوية الأزمة واتضاح الرؤية في ما يتعلق بالمشهد السياسي بعد انتهاء الصراع.ويتوقع مراقبون فشل جهود البرهان لترميم العلاقات مع الولايات، خاصة بعد أن رفض العام الماضي دعوة أميركية لمحادثات سلام مع قوات الدعم السريع، ما أدى إلى إفشال إحدى المبادرات التي كانت تهدف إلى وقف الحرب.وأدى تعنت قائد الجيش السوداني ورفضه الانخراط في جهود إنهاء الأزمة وسعيه إلى فرض الأمر الواقع واتباع سياسة الأرض المحروقة إلى إطالة أمد الصراع الذي يدخل عامه الثاني، دون أي بوادر للتهدئة.وفرضت واشنطن في أوائل العام الجاري عقوبات على البرهان باعتباره “عضوا في مجلس إدارة القوات المسلحة، وهي كيان شارك في أعمال أو سياسات تهدد السلام والأمن أو الاستقرار بالسودان”، وفق وزارة الخزانة الأميركية.
إرسال التعليق